إن عملية
اندماج نوى ذرات الهيدروجين لإنتاج الهيليوم في
باطن الشمس يمكن أن تستمرّ لبضعة آلاف الملايين من
السنين , إلاّ أن نفاد الهيدروجين من قلب الشمس
ووفرة الهيليوم داخله تؤدي إلى حصول لا تجانس واضح
في توزيع المادة
فإن الهيليوم أثقل من الهيدروجين بأربع مرات , وهذا
يعني اختلال كثافة مادة النجم وفقدان التوازن ..
لذلك لا بدّ من حركة شاملة لإعادة توازن جسم الشمس ..
ويحصل هذا إذا ينتفخ الجزء الخارجيّ من مادة الشمس
انتفاخا هائلا فيما يتقلص اللبّ .. وعندئذ يتغير لون
الشمس إلى الأحمر .. وبانتفاخها هذا تصبح عملاقا
هائلا يبتلع الكواكب الثلاثة الأولى عطارد والزهرة
والأرض
لذلك تسمى الشمس في هذه المرحلة بــ(
العملاق الأحمر ) ... وإذ تضعف القوى الداخلية في
اللب ّ , فإن القشرة الخارجية المنتفخة لا تستطيع أن
تسند نفسها على شيء فينهار جسم الشمس على بعضه في
عملية تسمى ( التكوير ) , وذلك بسبب
جاذبية أجزائه بعضها للبعض الآخر , مما يجعلها
تنكمش انكماشا مفاجئا وسريعا .. فتنسحق المواد
للشمس , وتتداخل الجزيئات , وتتقارب الذرات تقاربا
شديدا حتى تكاد تتداخل , إلا أن قوة التنافر
الكهربائي بين الأغلفة الألكترونية للذرات تقاوم
تداخلها عندما تصبح المسافة بينها قليلة .. وبذلك
تتعادل قوة التنافر الكهربائي مع قوى الجذب التي
تؤدي إلى تكوير الشمس .. وعندما يحصل هذا التوازن
تكون الشمس قد وصلت إلى مستقرها . وتدعى عندئذ "
قزم أبيض " إذ لا يتبقى من ضوئها إلا نور خافت
ضئيل
لقد وجد العالم سنك شاندرا سخار أن جميع النجوم
التي تقل كتلتها عن مرة ونصف كتلة الشمس تؤول في
نهاية عمرها إلى هذا المصير .. أي " القزم الأبيض
" .. وهو جسم كثيف جدا إذ تصل كثافة إلى طن لكل
سنتيمتر مكعب
وهنا نفهم معنى قوله تعالى : ( إذا الشمس كورت ) سورة
التكوير - فالشمس آيلة إلى التكوير .. حتى تصير قزما
أبيض
إن كلمة ( كوّرت) التي وردت في الآية لم ترد اعتباطا ,
ولا هي دالة على ذهاب ضوء الشمس وانطفائها وحس ذلك
لأننا نقرأ في معاجم اللغة أن الفعل ( كوّر) هو ( هو
أصل صحيح يدل على دور وتجمع ) وهذا ما يحصل بالضبط
أثناء الانهيار الجذبيّ , إذ تتجمع مادة النجم على
بعضها وتدور . لذلك استخدمنها كلمة ( تكوير) مصطلحا
عربيا لما هو مقصود بالضبط في جملة - الأنهيار
الجذبيّ
ولكن ماذا عن حالة القزم الأبيض ؟
لقد وجد شاندرا سيخار وآخرين من بعده أن الأقزام
البيضاء لا تكون على حالة واحدة . فإذا كانت كتلة
القزم الأبيض أكبر من كتلة شمسنا , فإنه يمكن أن
يتطور وقد ينفجر ويتلاشى أجزاء , إذ يكون في حالة
غير مستقرة
أما الأقزام البيضاء التي لها كتلة مساوية لكتلة
شمسنا فإنها تؤول إلى حالة مستقرّة تماما بعج أن
يخفت ضوءها .. ويمكن أن تبقى على هذه الحالة آلاف بل
ملايين السنين
وفي هذا الإطار يمكن أن نفهم معنى قوله تعالى : (
والشمس تجرى لمستقر لها ذلك تقدير العزيز العليم )
سورة يس |